إعداد الدكتور: نظمي خليل أبو العطا
ـ نعيش اليوم مع العمل الإبداعي الموسوعي الإسلامي حياة الحيوان الكبرى لكمال الدين محمد بن موسى الدميري المتوفى سنة 808 هجرية والذي نشأ في القاهرة فتكسب بالخياطة، ثم أقبل على العلم وبرع في التفسير والحديث والفقه، وأصول الفقه، والعربية والأدب وتصدى للإقراء والإفتاء.
ـ والكتاب كما قلنا عمل موسوعي ضخم عن حياة الحيوان مطبوع من مجلدين في 821 صفحة من القطع A 4 وهو مرتب على حروف الهجاء من يقرأه يشعر أنه أمام عالم في علم الحيوان وإذا علمنا أن المؤلف كان خياطاً لعلمنا مدى أنت شار العلم بين طبقات المجتمع الإسلامي في هذا الزمان.
ـ سبب تأليف الكتاب:
ذكر الدميري رحمه الله أن السبب في تآليفه للكتاب هو واقفعة حدثت في أحد المجالس رأى المؤلف أن من واجبه التأليف العلمي في موضوع النقاش فكان هذا الكتاب قال الدميري رحمه الله:
ـ فهذا كتاب لم يسألني أحد تصنيفه، ولا كلفت القريحة تأليفه، وإنما دعاني إلى ذلك أنه وقع في بعض الدروس، التي لا مخبأ فيها لعطر عروس، ذكر مالك الحزين والذيج المنحوس فحصل في ذلك ما يشبه حرب البسوس، ومزج الصحيح بالسقيم، ولم يغرق بين نسر وظليم «ذكرالنعام»، وتحككت العقرب بالأفعي، واستنت الفصال حتى القرعى، وصيروا الأروى مع النعام ترعى، وقضوا باجتماع الحوت والضب قطعاً، واتخذ الكل أخلاق الضبع طبعاً، ولبس جلد النمر أهل الإمامة وتقلدها الجميع طوق الحمامة... ثم قال: واستخرت الله تعالى وهو الكريم المنان، في وضع كتاب في هذا الشأن وسميته حياة الحيوان جعله الله موجباً للفوز في دار الجنان ونفع به على ممر الأزمان أنه الرحمن الرحيم ورتبته على حروف المعجم، ليسهل به من الأسماء ما استعجم.
ـ نماذج من محتوى الكتاب:
عن الأرضة (النمل الأبيض) قال: الأرضة بفتح الهمزة والراء والضاد المعجمة، دويبة صغيرة كنصف العدسة تأكل الخشب وهي التي يقال لها السرفة بالسين والراء المهملة والفاء وهي دابة الأرض التي ذكرها الله تعالى في كتابه، ولما كان فعلها في الأرض أضيفت إليها قال القزويني في الأشكال إذا أتى على الأرضة سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما وهي دابة الأرض التي دلت الجن على موت سليمان عليه السلام، والنمل هدوها وهو أصغر منها فليأتيها من خلفها فيحملها ويمشي بها إلى حجره وإذا أتاها مستقبلاً لا يغلبها لأنها تقاومه انتهى.
ومن شأنها أنها تبني لنفسها بيتاً حسناً من عيدان تجمعها مثل غزل العنكبوت منخرطاً من أسفله لإلى أعلاه وفي إحدى جهاته باب مربع وبيتها ناووس ومنها تعلم الأوائل بناء النواويس على موتاهم.
وفي الصحيحين وغيرهما أن قريشاً لما بلغهم إكرام النجاشي لجعفر وأصحابه كبر ذلك عليهم وغضبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكتبوا كتاباً على بني هاشم الايناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم وكان الذي كتب الصحيفة بغيض بن عامر فشلت يده، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة وحصروا بني هاشم في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من مبعثه صلى الله عليه وسلم وانحاز إليهم بنو عبد المطلب وقطعت عنهم قريش الميرة والمادة فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى بلغوا الجهد وأقاموا على ذلك ثلاث سنين، ثم اطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر الصحيفة، وأن الأرضة قد أكلت ما فيها من ظلم وجور وبقي ما كان فيها من ذكر الله تعالى، فأخبرهم أبو طالب بذلك فارتقوا إلى الصحيفة فوجدوها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوهم من الشعب.
ـ وروى ابن سعد وابن ماجه في سننه من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى جذع فاتخذ له المنبر فحن ذلك الجذع إليه حنين العشار حتى مسحه رسول اله صلى الله عليه وسلم بيده فسكن، فلما هدم المسجد وغير أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في داره حتى بلي وأكلته الأرضة وعاد رفاتاً.
ـ وقال في حرف الدال: وأما دابة الأرض التي ذكرها الله تعالى في سورة سبأ فهي الأرضة وقيل سوسة الخشب.
ـ وعن البازي قال: أفصح لغاته بازي مخففة الياء والثانية باز والثالثة بازي بتشديد الياء حكاهما ابن سيده وهو مذكر لا اختلاف فيه ويقال في التثنية بازيان وفي الجمع بزاه ويقال للبزاة والشواهين وغيرهما مما يصد صقور ولقطة مشتق من البزوان وهو الوثب وكنيته أبو الأشعث وأبو البهلول وأبو لاحق، وهو من أشد الحيوانات تكبرا وأضيقها خلقاً.
ـ وهو خمسة أصناف البازي والزرق والباشق والبيدق والصقر والبازي أحرها مزاجاً لأنه قليل الصبر على العطش ومأواه مساقط الشجر العادية الملتفة والظل والظليل وهو خفيف الجناح سريع الطيران وإناثه أجرأ على عظام الطير من ذكوره وهذا الصنف تصيبه الأمراض وانحطاط اللحم والهزال وأحسن أنواعه ما قل ريشه واحمرت عيناه مع حدة فيهما.
ـ ودونه الأزرق الأحمر العينين والأصفر دونهما.
ـ ومن صفاته المحمودة أن يكون طويل العنق عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين شديد الانخراط إلى ذنبه وأن يكون فخذاه طويلتين مسرولتين بريش وزراعاه غليظتين قصيرتين.
وفرخ البازي يسمى غطريفاً.
ـ وأما الباشق بفتح الشين وكسرها فأعجمي معرب وكنيته أبو الآخذ وهو أيضاً حار المزاج يغلب عليه القلق والزعارة يأنسوقتاً ويستوحش وقتاً، وهو قوي النفس فإذا أنس منه الصغير بلغ صاحبه من صاحبه من صيده المراد وهو خفيف المحمل ظريف الشمائل يليق بالملوك أن تخدمه لأنه يصيد أفخر ما يصيده البازي وهو الدراج والحمام والورشان وهو كثير الشبق وإذا قوى عليه صيده لا يتركه إلا أن يلتزم أحدهما، وأحمد صفاته أن يكون صغيراً في المنظر ثقيلاً في الميزان طويل الساقين قصير الفخذين.
ـ وأما البيدق فلا يصيد إلا العصافير وهو قليل قريب في الطبع من العقصي.
ـ وأما العقصي فهو أصغر الجوارح نفساً وأضعفها حيلة وأشدها ذعراً وأيبسها مزاجاً يصيد العصفور في بعض الأحايين وربما هرب منه وهو يشبه الباشق في الشكل إلا أنه أصغر منه.
ـ الحكم: قال الدميري: يحرم أكله بجميع أنواعه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن آكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطيور.
وقال: يكره للمحرم استصحاب البازي وكل صائد من كلب وغيره لأنه ينفر الصيد وربما انفلت فقتل صيداً.
وقال: ويصح بيع البازي وإجارته بلا خلاف لأنه طاهر منتفع به.
ـ وعن البقر الوحشي قال: هذا النوع أربعة أصناف المها، والأيل، واليحمور، والثيتل وكلها تشرب الماء في الصيف إذا وجدته وإذا عدمته صبرت عنه.
وعن المها قال: المها بالفتح جمع مهاه، وهي البقرة الوحشية والجمع مهوات، وقيل: المها نوع من البقر الوحشي، إذا حملت الأنثى من المها هربت من البقر، وهي أشبه شيء بالمعز الأهلية، وقرونها صلاب جداً، وبها ضرب المثل في سمن المرأة وجمالها.
وقال: وإذا بخر بقرنه أو جلده في بيت نفرت منه الحيات، ورماد قرنه يذر على السن المتآكلة يسكن وجعها، وشعره إذا بخر به البيت هرب منه الفأر والخنافيس. وإذا أحرق قرناه حتى يصيرا رماداً وديفاً بخل وطلي به موضع البرمي مستقبل الشمس فإنه يزول بإذن الله تعالى.
* * *
ـ نعيش اليوم مع العمل الإبداعي الموسوعي الإسلامي حياة الحيوان الكبرى لكمال الدين محمد بن موسى الدميري المتوفى سنة 808 هجرية والذي نشأ في القاهرة فتكسب بالخياطة، ثم أقبل على العلم وبرع في التفسير والحديث والفقه، وأصول الفقه، والعربية والأدب وتصدى للإقراء والإفتاء.
ـ والكتاب كما قلنا عمل موسوعي ضخم عن حياة الحيوان مطبوع من مجلدين في 821 صفحة من القطع A 4 وهو مرتب على حروف الهجاء من يقرأه يشعر أنه أمام عالم في علم الحيوان وإذا علمنا أن المؤلف كان خياطاً لعلمنا مدى أنت شار العلم بين طبقات المجتمع الإسلامي في هذا الزمان.
ـ سبب تأليف الكتاب:
ذكر الدميري رحمه الله أن السبب في تآليفه للكتاب هو واقفعة حدثت في أحد المجالس رأى المؤلف أن من واجبه التأليف العلمي في موضوع النقاش فكان هذا الكتاب قال الدميري رحمه الله:
ـ فهذا كتاب لم يسألني أحد تصنيفه، ولا كلفت القريحة تأليفه، وإنما دعاني إلى ذلك أنه وقع في بعض الدروس، التي لا مخبأ فيها لعطر عروس، ذكر مالك الحزين والذيج المنحوس فحصل في ذلك ما يشبه حرب البسوس، ومزج الصحيح بالسقيم، ولم يغرق بين نسر وظليم «ذكرالنعام»، وتحككت العقرب بالأفعي، واستنت الفصال حتى القرعى، وصيروا الأروى مع النعام ترعى، وقضوا باجتماع الحوت والضب قطعاً، واتخذ الكل أخلاق الضبع طبعاً، ولبس جلد النمر أهل الإمامة وتقلدها الجميع طوق الحمامة... ثم قال: واستخرت الله تعالى وهو الكريم المنان، في وضع كتاب في هذا الشأن وسميته حياة الحيوان جعله الله موجباً للفوز في دار الجنان ونفع به على ممر الأزمان أنه الرحمن الرحيم ورتبته على حروف المعجم، ليسهل به من الأسماء ما استعجم.
ـ نماذج من محتوى الكتاب:
عن الأرضة (النمل الأبيض) قال: الأرضة بفتح الهمزة والراء والضاد المعجمة، دويبة صغيرة كنصف العدسة تأكل الخشب وهي التي يقال لها السرفة بالسين والراء المهملة والفاء وهي دابة الأرض التي ذكرها الله تعالى في كتابه، ولما كان فعلها في الأرض أضيفت إليها قال القزويني في الأشكال إذا أتى على الأرضة سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما وهي دابة الأرض التي دلت الجن على موت سليمان عليه السلام، والنمل هدوها وهو أصغر منها فليأتيها من خلفها فيحملها ويمشي بها إلى حجره وإذا أتاها مستقبلاً لا يغلبها لأنها تقاومه انتهى.
ومن شأنها أنها تبني لنفسها بيتاً حسناً من عيدان تجمعها مثل غزل العنكبوت منخرطاً من أسفله لإلى أعلاه وفي إحدى جهاته باب مربع وبيتها ناووس ومنها تعلم الأوائل بناء النواويس على موتاهم.
وفي الصحيحين وغيرهما أن قريشاً لما بلغهم إكرام النجاشي لجعفر وأصحابه كبر ذلك عليهم وغضبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكتبوا كتاباً على بني هاشم الايناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم وكان الذي كتب الصحيفة بغيض بن عامر فشلت يده، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة وحصروا بني هاشم في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من مبعثه صلى الله عليه وسلم وانحاز إليهم بنو عبد المطلب وقطعت عنهم قريش الميرة والمادة فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى بلغوا الجهد وأقاموا على ذلك ثلاث سنين، ثم اطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر الصحيفة، وأن الأرضة قد أكلت ما فيها من ظلم وجور وبقي ما كان فيها من ذكر الله تعالى، فأخبرهم أبو طالب بذلك فارتقوا إلى الصحيفة فوجدوها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوهم من الشعب.
ـ وروى ابن سعد وابن ماجه في سننه من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى جذع فاتخذ له المنبر فحن ذلك الجذع إليه حنين العشار حتى مسحه رسول اله صلى الله عليه وسلم بيده فسكن، فلما هدم المسجد وغير أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في داره حتى بلي وأكلته الأرضة وعاد رفاتاً.
ـ وقال في حرف الدال: وأما دابة الأرض التي ذكرها الله تعالى في سورة سبأ فهي الأرضة وقيل سوسة الخشب.
ـ وعن البازي قال: أفصح لغاته بازي مخففة الياء والثانية باز والثالثة بازي بتشديد الياء حكاهما ابن سيده وهو مذكر لا اختلاف فيه ويقال في التثنية بازيان وفي الجمع بزاه ويقال للبزاة والشواهين وغيرهما مما يصد صقور ولقطة مشتق من البزوان وهو الوثب وكنيته أبو الأشعث وأبو البهلول وأبو لاحق، وهو من أشد الحيوانات تكبرا وأضيقها خلقاً.
ـ وهو خمسة أصناف البازي والزرق والباشق والبيدق والصقر والبازي أحرها مزاجاً لأنه قليل الصبر على العطش ومأواه مساقط الشجر العادية الملتفة والظل والظليل وهو خفيف الجناح سريع الطيران وإناثه أجرأ على عظام الطير من ذكوره وهذا الصنف تصيبه الأمراض وانحطاط اللحم والهزال وأحسن أنواعه ما قل ريشه واحمرت عيناه مع حدة فيهما.
ـ ودونه الأزرق الأحمر العينين والأصفر دونهما.
ـ ومن صفاته المحمودة أن يكون طويل العنق عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين شديد الانخراط إلى ذنبه وأن يكون فخذاه طويلتين مسرولتين بريش وزراعاه غليظتين قصيرتين.
وفرخ البازي يسمى غطريفاً.
ـ وأما الباشق بفتح الشين وكسرها فأعجمي معرب وكنيته أبو الآخذ وهو أيضاً حار المزاج يغلب عليه القلق والزعارة يأنسوقتاً ويستوحش وقتاً، وهو قوي النفس فإذا أنس منه الصغير بلغ صاحبه من صاحبه من صيده المراد وهو خفيف المحمل ظريف الشمائل يليق بالملوك أن تخدمه لأنه يصيد أفخر ما يصيده البازي وهو الدراج والحمام والورشان وهو كثير الشبق وإذا قوى عليه صيده لا يتركه إلا أن يلتزم أحدهما، وأحمد صفاته أن يكون صغيراً في المنظر ثقيلاً في الميزان طويل الساقين قصير الفخذين.
ـ وأما البيدق فلا يصيد إلا العصافير وهو قليل قريب في الطبع من العقصي.
ـ وأما العقصي فهو أصغر الجوارح نفساً وأضعفها حيلة وأشدها ذعراً وأيبسها مزاجاً يصيد العصفور في بعض الأحايين وربما هرب منه وهو يشبه الباشق في الشكل إلا أنه أصغر منه.
ـ الحكم: قال الدميري: يحرم أكله بجميع أنواعه لنهيه صلى الله عليه وسلم عن آكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطيور.
وقال: يكره للمحرم استصحاب البازي وكل صائد من كلب وغيره لأنه ينفر الصيد وربما انفلت فقتل صيداً.
وقال: ويصح بيع البازي وإجارته بلا خلاف لأنه طاهر منتفع به.
ـ وعن البقر الوحشي قال: هذا النوع أربعة أصناف المها، والأيل، واليحمور، والثيتل وكلها تشرب الماء في الصيف إذا وجدته وإذا عدمته صبرت عنه.
وعن المها قال: المها بالفتح جمع مهاه، وهي البقرة الوحشية والجمع مهوات، وقيل: المها نوع من البقر الوحشي، إذا حملت الأنثى من المها هربت من البقر، وهي أشبه شيء بالمعز الأهلية، وقرونها صلاب جداً، وبها ضرب المثل في سمن المرأة وجمالها.
وقال: وإذا بخر بقرنه أو جلده في بيت نفرت منه الحيات، ورماد قرنه يذر على السن المتآكلة يسكن وجعها، وشعره إذا بخر به البيت هرب منه الفأر والخنافيس. وإذا أحرق قرناه حتى يصيرا رماداً وديفاً بخل وطلي به موضع البرمي مستقبل الشمس فإنه يزول بإذن الله تعالى.
* * *