إعداد: د. نظمي خليل أبو العطا
نواصل الحديث اليوم عن الخيل بجولة مع أبي المنذر هشام بن محمد السائب الكلبي في مخطوطته الشهيرة أنساب الخيل في الجاهلية ( 876هـ) والتي حققها أحمد زكي باشا حيث قال: كان داوود نبي الله عليه السلام يحب الخيل حبّاً شديداً، فلم يك يسمع بفرس يذكر بأصل كريم وعنق وحسن وجري إلا بعث إليه , وكلها من أعراق الجياد العربية حتى جمع منها عدداً كبيراً قيل: إنها بلغت ألف فرس.
ولما توفي داوود آل ملكه وميراثه إلى ابنه سليمان نبي الله الذي قال بعد وفاة والده ( ما ورثني داوود مالاً أحب إليَّ من هذه الخيل ).
ويقال: إن سليمان طلب يوماً عرضها عليه ليعرفها بشياتها وأسمائها وأنسابها فأخذ في عرضها حتى حان موعد صلاة الظهر فصلى ومر به وقت العصر وهو يعرضها فشغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ثم انتبه فذكر الصلاة واستغفر الله وقال: ( لا خير في مال يشغل عن الصلاة وعن ذكر الله ردوها ). وكان قد عرض منها تسع مئة وبقيت مئة لم تعرض فطفق يضرب سوقها أسفاً على ما فاته من وقت الصلاة.
وأما عن المئة التي لم تعرض عليه فقد قال: ( هذه المئة أحب إليّ من التسع مئة التي ألهتني عن ذكر ربي ).
زاد الراكب:
ويسترسل الكلبي عن أصل الجياد العربية فيقول: إن أول ما انتشر من تلك الخيل أن قوماً من الأزد من أهل عمان قدموا على سليمان بن داوود بعد زواجه من بلقيس ملكة سبأ ليقدموا له التهاني وليسألوه عما يحتاجون إليه من أمر دينهم ودنياهم , ولما انتهوا من ذلك وهموا بالانصراف طلبوا إلى سليمان أن يأمر لهم بزاد يبلغهم بلادهم فدفع إليهم فرساً من خيله آنفة الذكر وقال لهم: ( هذا زادكم فإذا نزلتم فاحملوا عليه رجلاً وأعطوه مطرداً رمحاً قصيراً للطعن , وأوروا ناركم فإنكم لن تجمعوا حطبكم وتوروا ناركم حتى يأتيكم بالصيد ). فصار القوم لا ينزلون منزلاً إلا حملوا على فرسهم رجلاً بيده مطرد واحتطبوا وأوروا نارهم ( أي: أشعلوها ) فلا يلبث أن يأتيهم بالصيد من الظباء أو غيرها، فيكون معهم ما يكفيهم ويشبعهم ويفضل إلى المنزل الآخر فقال الأزديون: ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب فكان ذلك أول فرس اشتهر في العرب من تلك الخيل.
وسمعت العرب بمزايا زاد الراكب وعراقته فصارت القبائل تستطرق الأزد ( يرجون سفاد أفراسهم منه ) فنتج لبني تغلب الهجيس فكان أجود من زاد الراكب ثم اشتهر الهجيس وأقبلت القبائل تستطرق بني تغلب فنتج لقبيلة بكر بني وائل الديناري فكان أجود من الهجيس. وسمعت قبيلة بني عامر بالديناري فاستطرقت بكر بن وائل فنتج لهم أعوج.
ـ ومن الجدير بالذكر أن أم أعوج هي الفرس المشهورة بالعراقة والعتق سبل وكانت ابنة الفرس المشهورة سوادة وأبوها فياض.
ـ وقال الدكتور محمد مصطفى شكري في الخيول ورعايتها: ( كان اهتمام العرب بإناث الخيول كثيراً حيث كانوا يركبون الأفراس ولا يركبون الخيول الذكور، وكانت هذه الإناث تعتبر ثروة لا تقدر بثمن، حيث كان من الصعب أو المستحيل الحصول على إحدى هذه الإناث قديماً بواسطة التجار الأوروبيين الذين سعوا كثيراً لشرائها من أجل تحسين سلالاتهم الأوروبية، ولكنهم سرعان ما نجحوا في الوصول إلى غاياتهم حيث توصلوا إلى الحصان الإنجليزي، الشائع الصيت.
ـ ويمكن القول: أن تهجين الخيول الأجنبية بالخيول العربية كان له تأثير واضح على الخيل الناشىء مما جعل الخيول العربية عملة نادرة لا تقدر بثمن وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى نقاء أصلها.
الشكل الظاهري للخيول العربية:
ننتقل الآن إلى علم الشكل الظاهري للخيل العربية فنبدأ بألوانها حيث جاء في كتاب الخيل العراب لقدري الأرضروملي بأن الخيل العربية تتمتع بعدة ألوان زاهية براقة جذابة أساسها خمسة ألوان هي: الأبيض، والأحمر، والأسود، والأخضر، والأصفر.
وتتمازج بعض هذه الألوان فيما بينها وتنتج من هذا التمازج ألوان جديدة عديدة أطلق عليها العرب أسماء جديدة تدل على الألوان المستحدثة.
1ـ اللون الأبيض:
وهو لون نادر في الخيل العربية عند الولادة وحتى سن الخامسة والسادسة وبعكس ذلك يكثر اللون الأبيض في الخيل التي تتجاوز أعمارها السادسة فأكثر والتي كان لونها في السن المبكرة أشهب، وعلى اختلاف شهبته، ويستحب في الخيل البيض سواد أعرافها وآذانها ونواصيها وهذا نادر.
2ـ اللون الأشهب:
الأشهب مزيج من اللونين الأبيض والأسود بدرجات متناسبة وهناك الأشهب الحديدي ( أو الأزرق ) وهو ما زاد فيه اللون الأسود على اللون الأبيض زيادة كبيرة بحيث يسيطر اللون الأسود بعض السيطرة.
والأشهب الفاتح: وهو ما ظهرت على لونه الأشهب بقع بيضاء أو وردية، والأشهب الرماني، وهو ما خالط شهبته لون أحمر، أو ما كانت تعلو شهبته نقط حمراء فاتحة.
والأشهب الملمع ( أو الأشيم ): وهو ما ظهرت على لونه الأشهب بقع متفرقة ذات لون مغاير للونه الأشهب.
والأشهب المولع:وهو ما ظهرت على لونه الأشهب بقع مستطيلة ذات لون مغاير للونه الأشهب، والأشهب الأخضر وهو ما مازج شهبته لون أخضر وهذا قليل.
3ـ الأدهم:
والأدهم:ما كان شعره أسود وهو نادر ومستحب بين الخيل العراب ومنه عدة أنواع منها:
الأدهم الغيهبي:وهو شديد السواد.
والأدهم الدجوجي: وهو ما دون الغيهبي سوداً.
والأدهم الأحوي: وهو ما مازج سواده لون أخضر.
ـ والعرب كما قال قدري الأرضروملي تكره في الخيل الفرس الأصم الذي لا بياض في وجهه وخاصة الغرة والذي لا تحجيل فيه وهو البياض في اليدين والرجلين، وقال الشاعر:
وأدهم كالغراب أسود لونا يطير مع الرياح ولا جناح
كساهُ الليل شملته وولى فقبل بين عينيه الصباح
4ـ الحصان الأحمر:
وهو ما احمر شعره وله عدة أنواع منها:
الأحمر الكميت: وهو ما كانت حمرته في سواد.
والأحمر الأصدأ: وهو ما قاربت حمرته السواد.
والأحمر الفاتح: وهو ما كانت حمرته فاتحة.
5ـ الفرس الأشقر:
وهو ما كان لونه مزيجاً بين اللونين الأحمر والأصفر وله أنواع منها:
الأشفر الذهبي: وهو ما شابه لون الذهب.
والأشقر الفاتح: وهو ما كثرت صفرته على اللون الأحمر.
والأشقر الغامق ( الأدبس ): وهو ما كثرت حمرته على اللون الأصفر.
والأشقر المدمي: وهو الذي تعلو شقرته الصفرة وأصول شعره بلون الحناء.
والأشقر العنابي: وهو الأشقر الفاتح مع بياض الغرف والذنب والناصية وهو قليل جداً.
ـ الشية: هي وجود لون في جسم الفرس يخالف لونه الأصلي والشية على أنواع:
ـ الغرة: هي البياض الكائن في وجه الفرس.
ـ السائلة: وهي التي تمتد في الجبهة إلى قصبة الأنف فشملتها وسالت على الأرنبة.
ـ الشمراخ: وهي التي تدق في الجبهة وعلى قصبة الأنف.
ـ المنقطة: كل بياض في جبهة الفرس يبلغ المرسن ثم ينقطع.
* * *
نواصل الحديث اليوم عن الخيل بجولة مع أبي المنذر هشام بن محمد السائب الكلبي في مخطوطته الشهيرة أنساب الخيل في الجاهلية ( 876هـ) والتي حققها أحمد زكي باشا حيث قال: كان داوود نبي الله عليه السلام يحب الخيل حبّاً شديداً، فلم يك يسمع بفرس يذكر بأصل كريم وعنق وحسن وجري إلا بعث إليه , وكلها من أعراق الجياد العربية حتى جمع منها عدداً كبيراً قيل: إنها بلغت ألف فرس.
ولما توفي داوود آل ملكه وميراثه إلى ابنه سليمان نبي الله الذي قال بعد وفاة والده ( ما ورثني داوود مالاً أحب إليَّ من هذه الخيل ).
ويقال: إن سليمان طلب يوماً عرضها عليه ليعرفها بشياتها وأسمائها وأنسابها فأخذ في عرضها حتى حان موعد صلاة الظهر فصلى ومر به وقت العصر وهو يعرضها فشغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ثم انتبه فذكر الصلاة واستغفر الله وقال: ( لا خير في مال يشغل عن الصلاة وعن ذكر الله ردوها ). وكان قد عرض منها تسع مئة وبقيت مئة لم تعرض فطفق يضرب سوقها أسفاً على ما فاته من وقت الصلاة.
وأما عن المئة التي لم تعرض عليه فقد قال: ( هذه المئة أحب إليّ من التسع مئة التي ألهتني عن ذكر ربي ).
زاد الراكب:
ويسترسل الكلبي عن أصل الجياد العربية فيقول: إن أول ما انتشر من تلك الخيل أن قوماً من الأزد من أهل عمان قدموا على سليمان بن داوود بعد زواجه من بلقيس ملكة سبأ ليقدموا له التهاني وليسألوه عما يحتاجون إليه من أمر دينهم ودنياهم , ولما انتهوا من ذلك وهموا بالانصراف طلبوا إلى سليمان أن يأمر لهم بزاد يبلغهم بلادهم فدفع إليهم فرساً من خيله آنفة الذكر وقال لهم: ( هذا زادكم فإذا نزلتم فاحملوا عليه رجلاً وأعطوه مطرداً رمحاً قصيراً للطعن , وأوروا ناركم فإنكم لن تجمعوا حطبكم وتوروا ناركم حتى يأتيكم بالصيد ). فصار القوم لا ينزلون منزلاً إلا حملوا على فرسهم رجلاً بيده مطرد واحتطبوا وأوروا نارهم ( أي: أشعلوها ) فلا يلبث أن يأتيهم بالصيد من الظباء أو غيرها، فيكون معهم ما يكفيهم ويشبعهم ويفضل إلى المنزل الآخر فقال الأزديون: ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب فكان ذلك أول فرس اشتهر في العرب من تلك الخيل.
وسمعت العرب بمزايا زاد الراكب وعراقته فصارت القبائل تستطرق الأزد ( يرجون سفاد أفراسهم منه ) فنتج لبني تغلب الهجيس فكان أجود من زاد الراكب ثم اشتهر الهجيس وأقبلت القبائل تستطرق بني تغلب فنتج لقبيلة بكر بني وائل الديناري فكان أجود من الهجيس. وسمعت قبيلة بني عامر بالديناري فاستطرقت بكر بن وائل فنتج لهم أعوج.
ـ ومن الجدير بالذكر أن أم أعوج هي الفرس المشهورة بالعراقة والعتق سبل وكانت ابنة الفرس المشهورة سوادة وأبوها فياض.
ـ وقال الدكتور محمد مصطفى شكري في الخيول ورعايتها: ( كان اهتمام العرب بإناث الخيول كثيراً حيث كانوا يركبون الأفراس ولا يركبون الخيول الذكور، وكانت هذه الإناث تعتبر ثروة لا تقدر بثمن، حيث كان من الصعب أو المستحيل الحصول على إحدى هذه الإناث قديماً بواسطة التجار الأوروبيين الذين سعوا كثيراً لشرائها من أجل تحسين سلالاتهم الأوروبية، ولكنهم سرعان ما نجحوا في الوصول إلى غاياتهم حيث توصلوا إلى الحصان الإنجليزي، الشائع الصيت.
ـ ويمكن القول: أن تهجين الخيول الأجنبية بالخيول العربية كان له تأثير واضح على الخيل الناشىء مما جعل الخيول العربية عملة نادرة لا تقدر بثمن وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى نقاء أصلها.
الشكل الظاهري للخيول العربية:
ننتقل الآن إلى علم الشكل الظاهري للخيل العربية فنبدأ بألوانها حيث جاء في كتاب الخيل العراب لقدري الأرضروملي بأن الخيل العربية تتمتع بعدة ألوان زاهية براقة جذابة أساسها خمسة ألوان هي: الأبيض، والأحمر، والأسود، والأخضر، والأصفر.
وتتمازج بعض هذه الألوان فيما بينها وتنتج من هذا التمازج ألوان جديدة عديدة أطلق عليها العرب أسماء جديدة تدل على الألوان المستحدثة.
1ـ اللون الأبيض:
وهو لون نادر في الخيل العربية عند الولادة وحتى سن الخامسة والسادسة وبعكس ذلك يكثر اللون الأبيض في الخيل التي تتجاوز أعمارها السادسة فأكثر والتي كان لونها في السن المبكرة أشهب، وعلى اختلاف شهبته، ويستحب في الخيل البيض سواد أعرافها وآذانها ونواصيها وهذا نادر.
2ـ اللون الأشهب:
الأشهب مزيج من اللونين الأبيض والأسود بدرجات متناسبة وهناك الأشهب الحديدي ( أو الأزرق ) وهو ما زاد فيه اللون الأسود على اللون الأبيض زيادة كبيرة بحيث يسيطر اللون الأسود بعض السيطرة.
والأشهب الفاتح: وهو ما ظهرت على لونه الأشهب بقع بيضاء أو وردية، والأشهب الرماني، وهو ما خالط شهبته لون أحمر، أو ما كانت تعلو شهبته نقط حمراء فاتحة.
والأشهب الملمع ( أو الأشيم ): وهو ما ظهرت على لونه الأشهب بقع متفرقة ذات لون مغاير للونه الأشهب.
والأشهب المولع:وهو ما ظهرت على لونه الأشهب بقع مستطيلة ذات لون مغاير للونه الأشهب، والأشهب الأخضر وهو ما مازج شهبته لون أخضر وهذا قليل.
3ـ الأدهم:
والأدهم:ما كان شعره أسود وهو نادر ومستحب بين الخيل العراب ومنه عدة أنواع منها:
الأدهم الغيهبي:وهو شديد السواد.
والأدهم الدجوجي: وهو ما دون الغيهبي سوداً.
والأدهم الأحوي: وهو ما مازج سواده لون أخضر.
ـ والعرب كما قال قدري الأرضروملي تكره في الخيل الفرس الأصم الذي لا بياض في وجهه وخاصة الغرة والذي لا تحجيل فيه وهو البياض في اليدين والرجلين، وقال الشاعر:
وأدهم كالغراب أسود لونا يطير مع الرياح ولا جناح
كساهُ الليل شملته وولى فقبل بين عينيه الصباح
4ـ الحصان الأحمر:
وهو ما احمر شعره وله عدة أنواع منها:
الأحمر الكميت: وهو ما كانت حمرته في سواد.
والأحمر الأصدأ: وهو ما قاربت حمرته السواد.
والأحمر الفاتح: وهو ما كانت حمرته فاتحة.
5ـ الفرس الأشقر:
وهو ما كان لونه مزيجاً بين اللونين الأحمر والأصفر وله أنواع منها:
الأشفر الذهبي: وهو ما شابه لون الذهب.
والأشقر الفاتح: وهو ما كثرت صفرته على اللون الأحمر.
والأشقر الغامق ( الأدبس ): وهو ما كثرت حمرته على اللون الأصفر.
والأشقر المدمي: وهو الذي تعلو شقرته الصفرة وأصول شعره بلون الحناء.
والأشقر العنابي: وهو الأشقر الفاتح مع بياض الغرف والذنب والناصية وهو قليل جداً.
ـ الشية: هي وجود لون في جسم الفرس يخالف لونه الأصلي والشية على أنواع:
ـ الغرة: هي البياض الكائن في وجه الفرس.
ـ السائلة: وهي التي تمتد في الجبهة إلى قصبة الأنف فشملتها وسالت على الأرنبة.
ـ الشمراخ: وهي التي تدق في الجبهة وعلى قصبة الأنف.
ـ المنقطة: كل بياض في جبهة الفرس يبلغ المرسن ثم ينقطع.
* * *